مع استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، تقترب إسرائيل من السيطرة الكاملة على جميع المناطق الاستراتيجية والنقاط المركزية في القطاع. هذه السيطرة تأتي بعد أشهر من القتال المكثف، الذي شهد تغييرات كبيرة في موازين القوى على الأرض.
نهاية الحرب المكثفة وبداية لعبة المخابرات
أشارت تقديرات القيادة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي إلى أن القتال الكثيف في غزة سينتهي خلال أسابيع قليلة، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من الحرب تعتمد بشكل كبير على المعلومات الاستخباراتية. الجيش الإسرائيلي يخطط لتفكيك كتائب حماس ومراكز القيادة والسيطرة، بالإضافة إلى منطقة الأنفاق ومستودعات الأسلحة. هذه الخطوة تهدف إلى تحجيم قدرة حماس على تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، وتقليل نفوذها في القطاع.
خسائر حماس وتغير استراتيجياتها
خلال الأشهر الثمانية الماضية، تكبدت حماس خسائر فادحة، حيث فقدت نصف مقاتليها. وفقًا لتقارير أميركية، انخفض عدد مقاتلي حماس إلى ما بين 9 و12 ألف مقاتل، بعد أن كان العدد يتراوح بين 20 و25 ألفًا في السابق.
السيطرة الإسرائيلية على النقاط الاستراتيجية
تؤكد التقارير أن الجيش الإسرائيلي يسيطر الآن على معظم النقاط الاستراتيجية في غزة. هذه السيطرة تشمل المناطق الحيوية والبنية التحتية الأساسية، مما يمنح إسرائيل قدرة كبيرة على التحكم في العمليات العسكرية والتنقل داخل القطاع. هذا الوضع يعزز من موقف إسرائيل التفاوضي في أي محادثات مستقبلية، ويضعف من قدرة حماس على استعادة زمام الأمور.
تلاشي شرعية حماس
مع فقدان حماس لجزء كبير من قوتها العسكرية وقيادتها الاستراتيجية، تتلاشى شرعيتها شيئًا فشيئًا. السكان في غزة يعانون من ويلات الحرب والدمار المستمر، مما يزيد من الضغط الشعبي على الحركة التي كانت تعتبر رمزًا للمقاومة. تتزايد الانتقادات الداخلية والخارجية لحماس، والتي قد تؤدي في النهاية إلى تقويض نفوذها السياسي والعسكري في القطاع.
التحضير لمرحلة جديدة
المرحلة الجديدة من الصراع ستكون مختلفة، حيث ستعتمد إسرائيل على تعبئة القوات وتحديد المهام بناءً على المعلومات الاستخباراتية. من المتوقع أن تشهد هذه المرحلة غارات جديدة وعمليات مركزة تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية وتقليل قدرة حماس على الرد. هذا التحول في الاستراتيجية يهدف إلى تجنب مواجهة مباشرة طويلة الأمد، والتركيز بدلاً من ذلك على ضربات نوعية تستهدف البنية التحتية العسكرية لحماس.
التداعيات الإقليمية
التحركات الإسرائيلية لا تقتصر على غزة فقط، بل تشمل أيضًا استعدادات على الحدود اللبنانية لمواجهة محتملة مع حزب الله. إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في التوصل إلى توافق بشأن الوضع على الحدود، قد تشهد المنطقة تصعيدًا عسكريًا أوسع، مما يزيد من تعقيدات المشهد الأمني في الشرق الأوسط.
السيطرة الإسرائيلية على المناطق الاستراتيجية في غزة وتلاشي شرعية حماس يعكسان تحولًا كبيرًا في موازين القوى في القطاع. بينما تستعد إسرائيل للمرحلة المقبلة من الصراع، تبقى تداعيات هذه التطورات غير مؤكدة، لكن المؤكد هو أن الوضع في غزة سيظل نقطة توتر رئيسية في المنطقة. في ظل هذه الظروف، يظل الأمل معقودًا على إيجاد حلول سياسية ودبلوماسية تضع حدًا للمعاناة الإنسانية وتحقق استقرارًا طويل الأمد.