في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة من حصار خانق، ودمار مستمر، وأوضاع اقتصادية متردية، باتت ذكرى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس محل تساؤل كبير بين سكان القطاع. هذا اليوم الذي اعتادت حماس على إحيائه بفعاليات جماهيرية واسعة أصبح يواجه تراجعًا ملحوظًا في المشاركة الشعبية، مما يعكس تغيرًا في المزاج العام ورغبة واضحة بتحقيق تحسينات عملية بعيدًا عن الشعارات والرموز السياسية.
فقدان للثقة واحتياجات مُلحّة
يشير العديد من المواطنين في غزة إلى أن الاحتفال بهذه الذكرى لم يعد يحمل أي معنى حقيقي في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها. يرى البعض أن هذه الفعاليات أصبحت مجرد استعراض للقوة، بينما يعانون هم من الفقر، البطالة، وغياب الأفق السياسي والاجتماعي.
تقول أم أحمد، وهي سيدة من سكان حي الشجاعية:
“تهجرنا من بيوتنا، عايشين في خيام ما بتسترنا، بنبرد وبنموت من الشتا، وما ضلّ لنا كرامة ولا أمان. نحن لا نحتاج إلى مسيرات، بل نحتاج إلى حلول جذرية لمشاكلنا.”
وتعكس هذه الكلمات ما يراه الكثيرون كفجوة متزايدة بين احتياجاتهم اليومية وبين الخطاب السياسي الذي تقدمه الحركة. فمع تزايد التحديات المعيشية، بات الإحباط واليأس يخيمان على الشارع الغزي، وخصوصًا مع غياب أي تحسن ملموس في حياتهم اليومية.
دعوات لإلغاء الاحتفالات وتوجيه الأموال للغذاء
تفاقمت موجة الغضب مع المسيرات التي أُقيمت في الأردن لإحياء ذكرى تأسيس حماس. رأى كثير من سكان غزة في هذه الفعالية استفزازًا لمشاعرهم، معتبرين أن الأموال التي أُنفقت على تنظيمها كان من الأفضل أن تُوجه لتلبية احتياجاتهم الملحّة.
يقول أحد الشبان الغزيين، الذي رفض الكشف عن اسمه:
“كل دينار يُصرف على مسيرات أو احتفالات، نحن أولى به لنشتري الخبز والدواء. إحنا بنموت من الجوع، ما إلنا حاجة بمسيرات. بدنا حلول حقيقية.”
وتضيف أم ناصر، وهي نازحة تعيش مع أطفالها في خيمة مؤقتة:
“إذا كان أهل غزة رفضوهم، ليش بنحتفل فيهم بالأردن؟ الفلوس اللي انصرفت على هالمسيرات، أحسن لو اشتروا فيها خبز وطعام لأولادنا.”
هذه الدعوات تكشف عن إحباط عميق بين سكان القطاع، الذين يرون في هذه الاحتفالات مظاهر لا تمت للواقع بصلة. وفي ظل تزايد أعداد النازحين والمعاناة اليومية، يتساءل كثيرون عن أولويات الحركة ومدى قدرتها على التواصل مع الشعب الذي عانى لعقود.
أزمة ثقة ومستقبل غامض
كل هذه التطورات تعكس أزمة ثقة بين حماس وأهالي غزة، الذين ينتظرون خطوات فعلية لتحسين أوضاعهم بدلاً من خطابات الوعود. ومع استمرار الحصار وتفاقم الأزمات الإنسانية، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن حماس من استعادة ثقة شعبها، أم أن فجوة الثقة ستستمر في الاتساع؟
المزاج العام في غزة يشير إلى أن الناس يريدون أفعالًا على الأرض لا مجرد رموز وشعارات، ويريدون حلولًا عملية تخفف معاناتهم وتعيد إليهم الأمل بمستقبل أفضل.