تحت وطأة الأمطار الغزيرة والرياح العاتية التي تضرب القطاع، يعيش آلاف النازحين أوضاعاً مأساوية في المخيمات المؤقتة، حيث غمرت مياه الأمطار الخيام، وأصبحت الرمال الموحلة تغوص تحت أقدامهم. ومع استمرار الحرب التي دخلت عامها الأول، يشعر سكان القطاع بأنهم تركوا لمصيرهم المجهول دون أي تدخل جدي لتحسين أوضاعهم المعيشية. بالنسبة لهؤلاء النازحين، فإن الصراع لا يقتصر فقط على تجنب القذائف والرصاص، بل باتت الطبيعة نفسها تضيف إلى معاناتهم اليومية.
في حي التفاح شمال غزة، تقول أم محمد (45 عاماً)، وهي تجلس مع أطفالها في خيمة مغمورة بالمياه: “نحن نعيش هنا منذ شهور، كل يوم يمر يزداد الوضع سوءاً. لا نملك إلا القليل من الطعام والملابس، والآن تغمرنا المياه من كل مكان. الأطفال يبكون طوال الليل لأنهم ينامون على أرض مبللة، وكأننا مدفونون في الرمال”. تضيف أم محمد، والدموع في عينيها: “لا أحد يهتم لأمرنا، ونحن نعيش في هذا العذاب المستمر، الحرب لا تنتهي والمطر يزيد من عذابنا”.
وفي مخيم جباليا شمال القطاع، يقول أحمد (32 عاماً)، وهو أب لخمسة أطفال: “كلما هطلت الأمطار، أغرقنا في الوحل. الخيام لا تحمينا من البرد والمطر. بالأمس استيقظنا ونحن نغطس في المياه، ولم أتمكن من إنقاذ بعض الأغراض التي نحتاجها للبقاء على قيد الحياة. نحن هنا منذ أشهر، ولا نرى نهاية لهذه المأساة”. أحمد، الذي فقد منزله في إحدى الضربات الجوية، يضيف: “لقد تعبنا. لا أحد يستمع لنا، ولا أحد يهتم بنا. يبدو أن علينا الاعتماد على أنفسنا، لأن لا أحد سيأتي لإنقاذنا”.
وفي دير البلح وسط القطاع، تقول ليلى (27 عاماً): “نعيش على أمل أن ينتهي هذا الكابوس. أطفالنا لا يعرفون الراحة ولا الدفء. حتى الخيام التي نعيش فيها ليست آمنة، فهي تغمرها المياه كلما هطلت الأمطار، ونغوص في الرمال وكأننا نغرق. لقد فقدنا كل شيء، لكن ما يؤلمني هو أن العالم كله يتجاهل صرخاتنا”. وتضيف ليلى بغصة: “نحن هنا نكافح للبقاء على قيد الحياة، ولكن إلى متى؟”.
ومع استمرار الحرب، أصبح واضحاً أن الشعب في غزة لا يملك سوى الاعتماد على نفسه. فهم يرون أن أصواتهم يجب أن تسمع في هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة، وأن مستقبلهم في أيديهم. مطالبات النازحين بإنهاء الحرب ورفع الحصار تتزايد، لكن المعاناة لا تزال تزداد سوءاً مع مرور الأيام، والواقع الذي يعيشونه يومياً بين القصف والبرد والمطر لا يحمل لهم أي بوادر لانفراجة قريبة.