مئات التخصصات الجامعية في غزة.. ولا وظائف للخريجين

مع إعلان نتائج الثانوية العامة المؤهلة للدراسة الجامعية في قطاع غزة، تطفو إلى السطح أزمة اختيار التخصصات الجامعية في ضوء نسبة البطالة المرتفعة التي تضرب خريجي الجامعات والكليات المحلية، وعدم وجود أي أفق لعمل مئات الآلاف من الطلاب في القطاعين العام والخاص.

وبحسب بيانات وزارة التربية والتعليم في غزة، تقدم 39 ألف طالب لاختبار الثانوية هذا العام، علماً أن نسب النجاح تراوحت بين 65 و70 في المائة في مختلف الفروع.

ومع انتهاء الامتحانات وإعلان النتائج، تبدأ الجامعات والكليات المحلية في غزة عملية ترويج اختصاصاتها للطلاب الذين يرغبون في الالتحاق بالدراسة الجامعية في مراحل الدبلوم المتوسط والبكالوريوس، ثم الماجستير والدكتوراه. 

ويترافق ذلك مع تقديم الجامعات تسهيلات تشمل تقسيط الرسوم، علماً أن غزة تخلو من جامعات توفر الدراسة مجاناً، لكن جامعات وكليات محسوبة على جهات حكومية تعرض الحصص بأسعار أقل من تلك الأهلية والخاصة، علماً أن الطلاب الذين يلتحقون بالدراسة الجامعية يدفعون الرسوم بعملة الدينار الأردني (دينار أردني واحد يساوي 1.4 دولار أميركي).

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات في شأن الدراسات وطبيعة الاختصاصات الموجودة في الجامعات الفلسطينية، ومقدار ملاءمتها احتياجات سوق العمل، في وقت توجد 23 مؤسسة جامعية وأكاديمية تمنح شهادات من الدبلوم إلى الدكتوراه.

وتفيد بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بأن معدل البطالة بين الخريجين الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و29 سنة، يتجاوز 48.3 في المائة، يشكلون نسبة 25.6 في المائة من إجمالي العاطلين عن العمل. وبين هؤلاء 61.3 في المائة من الإناث، و34.3 في المائة من الذكور، أما على مستوى المنطقة فيبلغ معدل البطالة للشباب الخريجين 28.6 في المائة في الضفة الغربية، و73.9 في المائة في قطاع غزة.

يقول مدير عام التعليم الجامعي في وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية في غزة علي أبو سعدة، لـ”العربي الجديد”: “يضم القطاع 23 جامعة تضم 650 تخصصاً في درجتي الدبلوم المتوسط أو البكالوريوس”. ويضيف: “شهد العام الحالي افتتاح اختصاصات جامعية تراوح عددها بين 20 و25، ويتوافق بعضها مع احتياجات سوق العمل، أو التطلعات المستقبلية الخاصة بهذا السوق”.

ويشير إلى أنه “يصعب إغلاق اختصاصات جامعية تشبّع منها سوق العمل بسبب اعتبارات عدة، منها عدم الوقوف أمام رغبة الطلاب، وتجنب التأثير على الجامعات التي تضم كوادر تدريس وموظفين، لكن الجامعات تتخذ حالياً إجراءات للحدّ من عدد الخريجين، إذ اتفقت على ضبط عدد الملتحقين في بعض الاختصاصات، وتوعية الطلاب عبر مجموعة حملات تركز على ضرورة اختيار اختصاصات تتوافق مع التطور الحاصل. وفعلياً، تضم تخصصات، بينها في القطاع التربوي أو العلوم الإنسانية، عدداً كبيراً جداً من الخريجين، ما يجعل فرصهم صعبة في الحصول على عمل مقارنة بالاختصاصات التكنولوجية الحديثة”.

وتكشف بيانات وزارة العمل في غزة وجود حوالى 300 ألف شخص يبحثون عن فرص دائمة أو مؤقتة، منهم 54 في المائة من خريجي جامعات، و43 في المائة من العمال، و3 في المائة من المهنيين، في حين تشمل الاختصاصات الأقل حصولاً على فرص عمل مهن التعليم بنسبة 39 في المائة من إجمالي 63 ألفاً يعانون من بطالة.

وتشير هذه البيانات إلى أن نسبة المدرجين في بيانات سوق العمل لمهن المحاسبة هي 22 في المائة، والاختصاصات الطبية 10 في المائة، والتنمية الاجتماعية 8 في المائة، ومهن الهندسة 5.8 في المائة، واختصاصات الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات 4.9 في المائة، والصحافة 4.3 في المائة، والقانون 3.6 في المائة، والزراعة أقل من 1 في المائة، والمهن الفنية 0.5 في المائة.

إلى ذلك، يؤكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “البطالة التي تعصف بحوالى 73 في المائة من خريجي الجامعات والكليات المحلية تعكس غياب خطة وطنية لدعم الخريجين، وتحسين الواقع الأكاديمي والجامعي الفلسطيني، في ظل تكدس مئات آلاف الخريجين”.

ويتابع الشوا: “يجب تعزيز الاتجاه إلى التعليم المهني والحرفي في ضوء ارتفاع نسبة البطالة بين حاملي الشهادات الجامعية، وعدم وجود آفاق سياسية تشير إلى احتمال انتهاء الواقع المعيشي الصعب في القطاع المحاصر”.

ويعتقد رئيس شبكة المنظمات الأهلية أن من “بين أسباب الواقع الحالي، الحصار الإسرائيلي المفروض للعام السابع عشر على التوالي، فضلاً عن الانقسام السياسي، وعدم وجود حكومة موحدة تعمل لمعالجة أزمة البطالة والفقر التي ارتفعت بشكل كبير، بدليل اعتماد 80 في المائة من السكان على المساعدات الدولية”.

  • Related Posts

    غزة على مفترق طرق: نهاية حقبة حماس وبداية جديدة؟

    تعيش غزة اليوم مرحلة حاسمة بعد سنوات من المعاناة والحصار. الحرب الأخيرة قلبت الموازين وغيّرت المشهد السياسي، خاصة بعد مقتل يحيى السنوار وقيادات بارزة أخرى في حماس. هذا التحول ترك…

    تراجع الاهتمام الشعبي بذكرى تأسيس حماس في غزة: مطالبات بالتغيير والاحتياجات تفوق الشعارات

    في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة من حصار خانق، ودمار مستمر، وأوضاع اقتصادية متردية، باتت ذكرى تأسيس حركة المقاومة الإسلامية حماس محل تساؤل كبير بين سكان القطاع. هذا…

    You Missed

    غزة على مفترق طرق: نهاية حقبة حماس وبداية جديدة؟

    غزة على مفترق طرق: نهاية حقبة حماس وبداية جديدة؟

    تراجع الاهتمام الشعبي بذكرى تأسيس حماس في غزة: مطالبات بالتغيير والاحتياجات تفوق الشعارات

    تراجع الاهتمام الشعبي بذكرى تأسيس حماس في غزة: مطالبات بالتغيير والاحتياجات تفوق الشعارات

    خيط الأمل الأخير لإيقاف المعاناة

    خيط الأمل الأخير لإيقاف المعاناة

    غزة على طريق الحرية: بين معاناة الحاضر وأمل التغيير

    غزة على طريق الحرية: بين معاناة الحاضر وأمل التغيير

    حرب غزة 2024: الأمل في إنهاء الحرب

    حرب غزة 2024: الأمل في إنهاء الحرب

    حرب غزة: صفقة الأسرى مفتاح إنهاء المعاناة

    حرب غزة: صفقة الأسرى مفتاح إنهاء المعاناة