بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب المستمرة في غزة، بات الوضع الإنساني في القطاع في أسوأ حالاته. سكان القطاع يعيشون في ظل ظروف قاسية، حيث الفقر المدقع وانتشار الأمراض والنزوح الجماعي أصبحوا جزءًا من حياتهم اليومية. المعاناة ليست فقط في نقص المواد الأساسية مثل الطعام والماء، ولكن أيضًا في انهيار البنية التحتية الصحية، حيث تتفشى الأمراض بشكل سريع في ظل ضعف الخدمات الصحية.
سكان غزة أدركوا أنه لا يمكن الاعتماد على المساعدات الخارجية أو التدخلات الدولية فقط لإنهاء معاناتهم. مع تزايد الأزمات، بات واضحًا أن عليهم أن يتوحدوا ويأخذوا زمام المبادرة بأنفسهم للمطالبة بحقوقهم وتحسين أوضاعهم المعيشية. الفوضى التي يعانون منها ليست قدراً حتمياً، بل يمكنهم التأثير في مستقبلهم إذا ما تضافرت جهودهم وارتفعت أصواتهم.
من أهم القضايا التي تواجه سكان القطاع هي النزوح الداخلي المستمر، حيث ترك مئات الآلاف منازلهم بسبب القصف المكثف، مما جعلهم يعيشون في ظروف إنسانية بائسة. في مخيمات النزوح، لا تتوفر المياه النظيفة بشكل كاف، كما أن الخدمات الصحية شبه منهارة، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض مثل التهاب السحايا والإسهال والأمراض الجلدية. ورغم الجهود المبذولة من بعض المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم، يبقى هذا الدعم غير كافٍ لمواجهة الأزمة المتفاقمة.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو الفقر المدقع الذي يعيشه غالبية سكان غزة، حيث يعيش أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر. يعتمد معظم السكان على المساعدات الدولية لتلبية احتياجاتهم اليومية، ولكن هذه المساعدات غالبًا ما تتأخر أو تكون غير كافية لتلبية جميع الاحتياجات. يواجه سكان غزة كذلك انهيار البنية التحتية الاقتصادية، حيث لا توجد فرص عمل كافية للشباب، مما يزيد من شعورهم بالعجز واليأس.
المصير بأيدينا: أمل في التغيير
رغم كل هذه التحديات، يدرك سكان غزة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن مصيرهم بأيديهم. لا يمكنهم الاعتماد على الآخرين لإنقاذهم أو تحسين أوضاعهم. مستقبل غزة يعتمد على قوتهم وإصرارهم على إحداث التغيير. يحتاج السكان إلى توحيد صفوفهم والمطالبة بحقوقهم الأساسية في الحياة الكريمة، والتعليم، والصحة.
الأزمة الإنسانية التي يواجهها سكان غزة ليست مجرد نتيجة للحرب فقط، بل هي نتيجة سنوات من القمع والحصار والتجاهل الدولي. إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن المعاناة ستستمر. لكن التغيير يبدأ عندما يرتفع صوت الشعب، وعندما يدركون أن مستقبلهم في أيديهم، وأنهم فقط من يستطيعون النهوض بواقعهم وصياغة مستقبل أفضل لأبنائهم.